بسم الله الرحمن الرحيم
التدريس الفعال
تمهيد
بادئ ذي بدء ينبغي النظر إلى التدريس من منظورين ، هما :
1 – التدريس كنشاط إنساني :
إذ تتكون عملية التدريس من مجموعة من الأنشطة والعمليات التي يقوم بها المعلم منفرداً ( في ظل النظام التقليدي ) بهدف مساعدة المتعلم على تحقيق أهداف تربوية بعينها ، أو يقوم بها المعلم والمتعلم معاً ( في ظل النظام التقدمي ) بقصد تحقيق المقاصد والأغراض الكاملة لعملية التعلم .
والتدريس سواء في ظل النظام التقليدي أو في ظل النظام التقدمي – بمثابة سلوك يمكن ملاحظته وقياسه وتقويمه . والتدريس سلوك اجتماعي ، له مجالاته التي تتمثل في المعلم والمتعلم ومادة التعلم وبيئة التعلم .
ولكي يكون التدريس فعالاً ، يجب أن يكون التفاعل تاماً بين أركان التدريس ، أي ينبغي أن يتحقق التفاعل بين المعلم والمتعلم من جهة ، وبين كل من المعلم والمتعلم وكل من قادة التعليم وبيئة التعليم من جهة ثانية .
2 – التدريس كنظام :
وهو يتألف من ثلاثة متتابعات ، وهي : مدخلات التدريس ، وعمليات التدريس ، ومخرجات التدريس
ركائز أساسية في عملية التدريس :
وتتمثل أهم هذه الركائز في الآتي :
1 – التدريس كعملية متعددة المراحل :
إذ أنها عملية تتضمن أنشطة كثيرة قبل وأثناء وبعد الموقف التدريسي .
2 – مكونات التدريس :
للتدريس أربعة مكونات متداخلة ومتفاعلة فيما بينها ، بحيث يكون من الصعب الفصل بين هذه المكونات .
3 – التفاعل بين المعلم والمتعلم :
قلنا من قبل أن التدريس نشاط إنساني هادف يتمثل في التفاعل بين جميع مجالاته .
لذا نجد أن التدريس عملية اتصال يحاول المعلم ( المرسل ) فيها إكساب المتعلم ( المستقبل ) موضوع الدرس ( الرسالة ) ، مع مراعاة أنه خلال هذه العملية يمكن أن يحدث تبادل للأدوار بين العلم والمتعلم ، أو يحدث بينهما علاقات تأثير وتأثر ( الفعل ورد الفعل ) ، وذلك ما يوضحه الشكلان التاليان :
أ – التفاعل من خلال المشاركة وتبادل الأدوار :
ب – التفاعل من خلال علاقات التأثير والتأثر ( الفعل ورد الفعل ) :
التدريس : أهو علم أم فن ؟
بادئ ذي بدء نقول أن التعليم هو أحد الأهداف المهمة التي نحاول تحقيقها من خلال عملية التدريس .
فالتعليم هو أحد المردودات المهمة للتدريس ، حيث يمكن من خلال التعليم ، إعطاء بعض المعلومات ، وإكساب بعض المعارف .
والسؤال : ما المقصود بعملية التدريس؟
قد يعتقد البعض خطأ أن عملية التدريس بمثابة العملية التي من خلالها يتم نقل المعلومات من ذهن المعلم إلى أدمغة التلاميذ الفارغة ليستوعبونها ويحصلونها .
إن الاعتقاد الخاطئ السابق يجعل من المعلم مصدراً أساسية من عملية التدريس هو الناحية الذهنية فقط دون باقي النواحي الأخرى .
إن عملية التدريس هي عملية حياة وتفاهم كاملين بين المعلم والتلميذ من جهة ، وبينهما وبين المعرفة بمصادرها المختلفة من جهة أخرى .
رأينا أن عملية التدريس عملية تفاعل بين المعلم والتلميذ من خلال مصادر المعرفة المختلفة ، وذلك يجعل هذه العملية تمتد إلى مصادر أرحب وأشمل من المادة الدراسية المقررة فقط ، كما يجعلها لا تقتصر فقط على قاعات الدروس ، وإنما تشمل أيضاً الفناء والمعمل وحجرات الأنشطة المختلفة ، وقد يتسع تأثيرها ليتضمن جميع مصادر التعلم في البيئة الخارجية .
لقد قلنا أن عملية التدريس عملية حياة وتفاعل ، لذا فإن الخبرات التي يتعلمها التلميذ أو يمر بها في المواقف التدريسية ستظل باقية في نفسه ، يسترجعها وقتما يشاء أو كلما احتاج إليها ليسترشد بها في بعض المواقف .
تأسيساً على ما تقدم ، يكون للتلميذ دوراً مؤثراً في عملية التدريس التفاعلي ، أيضاً في هذه العملية ، يتطلب عمل المعلم السيطرة الكاملة على جانبين متلازمين لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر ، وهما :
– التمكن من المادة العلمية .
– طريقة تقديم هذه المادة العلمية .
وبمعنى آخر ، لا تقتصر المقومات الأساسية لعملية التدريس على معرفة المعلم للمعلومات العلمية المقررة معرفة تامة وكاملة ، وإنما ينبغي بجانب ما تقدم أن تكون لدى المعلم بعض مهارات شرح وعرض تلك المعلومات .
وتتمثل أهم مهارات التدريس في مواقف المعلم وشخصيته وحسن اتصاله بالتلاميذ ، وحديثه إليهم ، وحسن استماعه لما يقولونه ، والإجابة عن أسئلتهم وبراعته في استهوائهم وتشويقهم ، وقدرته على إيصال الحقائق والمفاهيم العلمية إلى عقولهم ببساطة ووضوح .
ومن ناحية أخرى ، فإن غاية التدريس أرحب وأوسع بكثير مما يصبو إليه التعليم ويحاول تحقيقه ، فالتدريس يعني التربية بمعناها الواسع ، بمعنى ، أن هدف التدريس لا يقتصر فقط على مجرد معلومات تلقى ومعارف تكتسب ، شأنه في ذلك شأن التعليم الذي يملاْ العقل بشتى ألوان المعرفة وإنما التدريس هو إعداد الفرد للحياة . فمن خلال عملية التدريس تتم تربية العقل ، والشخصية ، والخلق ، والوجدان ، والضمير .
وباختصار ، فإن غاية التدريس تتمثل في جعل الفرد عضواً عاملاً وكاملاً في مجتمعه ، وتعويده عل الاعتماد على نفسه ، وذلك من خلال تنمية ملكاته العقلية والذهنية ، وتقوية إرادته ، والاهتمام بصحته الجسمية والعقلية والنفسية ، وإكسابه مقومات الخلق القويم ، وتربيته على مبادئ الشريعة ، والاستمتاع بالحياة .
والسؤال : هل التدريس علم أم فن ؟
إذا أخذنا في الاعتبار أن العلم هو هيكل نظامي من المعرفة بحقيقة ظاهرة ما في شكل يسمح لنا بالتعامل معها بصورة مقبولة ومباشرة .
والتعريف السابق يشير إلى أن العلم بمثابة مجموعة الحقائق والأفكار والنظريات التي تحققت وتم التأكد من صدقها وسلامتها من خلال الملاحظة أو التجريب ، وبذلك يمكن استخدامها في شتى جوانب الحياة العملية . لذا ، يتقبل الناس العلوم ولا يختلفون فيها لأن مصدرها العقل ، والعقل ثابت أمام ما تأكدت صحته .
أما الفن فهو بمثابة المهارات والخبرات التي يتميز بها فرد دون آخر ، لأنها تتوقف على مدى حذاقة وتمكن الإنسان منها ، وفقاً لما حباه الله من إمكانات وقدرات ، ووفقاً لما لديه من استعداد لتطوير هذه الإمكانات والقدرات من خلال الممارسة ، لذا ، قد يختلف الناس في الحكم على الفنون المختلفة التي هي مصدرها الذوق والعاطفة ، وهذه الأمور لا يتفق فيها جميع الناس ، وإنما يختلفون في الحكم على العمل الفني الواحد من حيث القبول أو الرفض .
وهنا قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن العلوم والفنون لا تتلاقيا . ولكن ، ذلك ليس صحيحاً تماماً ، لأن كل من العلوم والفنون لهما جانبين ، أحدهما نظري والآخر تطبيقي . فالمفاهيم ، والحقائق والنظريات ، والأنظمة هي الجانب النظري للعلوم ، أما استخداماتها وتوظيفاتها في الحياة العملية فهي الجانب التطبيق لها . كذلك ، الفنون لها جانبها التطبيقي ، وهو الجانب المحسوس الملموس الذي يمكن رؤيته ، والإحساس به ، والتفاعل معه . وعلى الرغم من ذلك ، فإن هذا الجانب التطبيقي لا يقوم على فراغ ، وإنما له أصوله وقواعده النظرية التي بدونها يصبح هذا الجانب مجرد شطحات ونزعات لأفراد ، قد يتسموا بالجنون أو المغامرة .
تأسيساً على ما تقدم ، نقول أن العلم والفن وجهان لعملة واحدة ، أي أنهما لا ينفصلان ، بل هما متداخلان ويتشابكان بوشائج نسب قوية متينة الأساس .
على ضوء الحديث آنف الذكر ، يكون التدريس مزيج متشابك الأطراف من العلم والفن . فالمعلم ، إذا كان يدرك فقط مجموعة النظريات والعلوم التربوية ، فإنه بذلك يسيطر على الأصول النظرية من عملية التدريس ، ولكنه لن يكون أبداً معلماً ماهراً لأنه لا يتقن أساسيات وتطبيقات المادة التي يتحمل مسؤولية تعليمها . ولكن ، إذا استطاع أن يلم تماماً بجميع أركان مادة تخصصه التي يقوم بتدريسها ، وأن يقوم في ذات الوقت بتطبيق مجموعة النظريات والعلوم التربوية التي يعرفها بطريقة وظيفية داخل الفصل ، فإنه بذلك يكون فناناً ، يؤدي عمله بسهولة وسلاسة ، ودون تكلف ، وبتلقائية طبيعية .
إن التدريس الفعال بمثابة فن مؤسس على علم ، أو هو علم يقوم على فن ، حيث يقوم العلم على السيطرة ، والإدراك الكاملين للجانب الأكاديمي المتمثل في معرفة المعلومات العلمية الصحيحة المقررة على التلاميذ ، ويقوم الفن على الوسائل من خلالها يمكن توصيل هذه المعلومات توصيلاً جيداً وسهلاً للتلاميذ .
معوقات التدريس :
ينبغي أن تكون مهنة التدريس بمثابة وظيفة رائعة يتمتع بها المعلم ،ويدرك مدى أهميتها . فالتدريس يعطي المعلم شعوراً بالإنجاز ، لأنه يقوم بتعليم التلاميذ أصول وقواعد العلم ، كما يساعدهم على التفكير الدقيق ، ويجعلهم يتمتعون بقدرات لازمة وواجبة ، مثل الإحترام الذاتي لأنفسهم ، والقوة والعزم في مواجهة المشكلات التي تصادفهم . لذا ، ينبغي أن يشعر المعلم بالفرحة والشوق قبل كل حصة ، لأن لقاءه بالتلاميذ بمثابة لقاء بالحياة والمستقبل معاً .
وحتى يتحقق ما تقدم ، يجب أن يتمتع المعلم بالقدرة على مواجهة وممارسة المطالب المختلفة للتدريس بطريقة جيدة ويجب ألا يشعر بالإجهاد العاطفي والسلوك السلبي نحو مهنة التدريس .
وتتطلب إجادة عملية التدريس إدراك المعلم بفهم ودقة لمجموعة متنوعة من مستويات السلوك التعليمي من خلال عملية التدريس ذاتها ، وأن يؤدي بكفاءة أنماط السلوك التي تعمل على حدوث تفاعل حقيقي بينه وبين التلاميذ . أيضاً ، تتطلب إجادة عملية التدريس مقاومة المعلم لبعض الصعبات التي قد يمر بها ، والتي قد تكون سبباً مباشراً في إصابته بالقلق والشعور بالإجهاد .
ولعل أهم هذه الصعوبات ما يلي :
الشعور بالقلق الذي قد يؤدي إلى الإحساس بالاضطراب والشك بالنفس وعدم القدرة على تحديد هوية واضحة .
الشعور بالإحباط نتيجة المرور ببعض التجارب الفاشلة ، أو نتيجة مواجهة بعض المواقف الصعبة .
الإحساس بالفشل نتيجة عدم التوافق الوظيفي والعاطفي مع بعض التلاميذ أو الزملاء أو أولياء الأمور .
الإحساس بعدم القدرة على العطاء الكامل خلال بعض المواقف بسبب العقبات التي تحول دون انطلاق طاقاته الكامنة .
وجود بعض العوائق الإدارية والعقبات الخارجية المرتبطة بنظام التعليم ، والتي تحصر أداء المعلم الوظيفي داخل الفصل وفقاً لقواعد بعينها .
الخوف من التجريب واستعمال العديد من المهارات التعليمية الجديدة أو طرق التدريس الحديثة خشية الفشل وعدم تحقيق النجاح المطلوب .
الاستغراق في تساؤلات داخلية محبطة ومجهدة حول إمكانيات العطاء في المهنة ، وحول مدى امتلاك قدرات خاصة للتدريس الجيد .
التدريس الفعال :
يقوم التدريس الفعال على بعدين ، هما :
مهارة المعلم وبراعته في خلق الإثارة العقلية والفكرية لدى التلاميذ ، تؤثر إيجاباً في نوعية التعليم .
الصلة الإيجابية بين المعلم والتلاميذ ، وأنماط العواطف والعلاقات التي تثير دافعية التلاميذ لبذل ما في وسعهم في الدراسة ، لها دور في جعل التدريس أكثر كفاية وإنتاجية .
تأسيساً على ما تقدم ، فإن المعلم البارع في البعدين السابقين يكون من المعلمين الأفذاذ والمبرزين بالنسبة لجميع التلاميذ في كافة المواقف .
وفيما يلي توضيح لكل من البعدين السابقين :
( 1 ) الإثارة الفكرية :
وتقوم مهارة الإثارة الفكرية على :
- وضوح الاتصال الكلامي مع التلاميذ ، حيث يرتبط هذا الوضوح بطريقة شرح المعلم وعرضه للمادة العلمية .
- أثر المعلم الانفعالي الإيجابي على التلاميذ ، ويتولد هذا الأثر من طريقة عرض المادة العلمية
ومما يذكر أن إتقان المعلم لمحتوى المواد الدراسية التي يقوم بتعليمها لهو أمر مفترض حدوثه ، ومع ذلك فإن هذا الإتقان لا يعني بالضرورة قدرة المعلم على تقديم وعرض هذه المواد بطريقة جيدة .
ومن ناحية أخرى ، لا تقتصر معرفة المعلم للمواد الدراسية على مجرد جمع المفاهيم والحقائق والقوانين التي تتضمنها هذه المواد ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، لأنها تنطوي على فهم أعمق ، وعلى قدرة على الربط بين تلك المفاهيم والتعميمات والحقائق والقوانين لاستنتاج مجالات وتطبيقات جديدة للمعرفة ، ثم استخدام ألوان المعرفة الجديدة في استنباط ألوان أخرى من المعرفة ، وهكذا دواليك .
وتتضمن المعرفة القدرة على تحليل الحقائق وتركيبها ، وتطبيقها في مواقف جديدة ، وتقويمها تقويماً ناقداً في إطار السياق الواسع الذي يتوفر للشخص المثقف .
مادام الأمر كذلك ، فيجب ألا يقتصر عمل المعلم على مجرد عرض تفصيلات الدرس ، وإنما يجب أن تكون رؤيته ونظرته شاملتين لجميع دقائق وتفصيلات المواد الدراسية سواد بالنسبة لما يقوم بتدريسه أم بالنسبة لبقية المواد ، وبذلك يكتسب التلاميذ القدرة على مقارنة المفاهيم المختلفة ومقابلتها ، بجانب تعلمهم للحقائق المجزأة والتعميمات المنفردة .
ولكي يستطيع المعلم تقديم المادة العلمية بوضوح ، عليه أن يتناولها بالدراسة المتأنية ، وينظمها بالطريقة التي تجعله يسيطر تماماً على جميع جوانبها . كما يجب أن يركز المعلم على الملاحظات والمشاهدات المبكرة والمعالم الجوهرية ، والافتراضات الرئيسية ، والتبصر الناقد ، دون الدخول في تفصيلات لا داعي لها ، وليس لها فائدة تذكر في عمله التدريسي .
إذا حقق المعلم ما تقدم ، فسوف يتمكن بسهولة ويسر من تفسير موضوع الدرس وشرحه بكفاءة .
إن الادعاء بأن المعرفة قد تراكمت جوانبها ، وازدادت وتعقدت بحيث لا يستطيع الفرد العادي أن يسيطر على جميع أركانها ، لهو إدعاء لا أساس له من الصحة ، نظراً لتقدم أساليب وأدوات التعلم ولاستخدام التقنيات التربوية في عملية التدريس . إذا يمكن للمعلم النابه أن يشرح الأفكار التي يتضمنها أي موضوع بطريقة سهلة ، وأن يبسطها بحيث يدركها التلميذ العادي ويفهمها .
ويسهم التدريس الفعال الجيد في معرفة التلاميذ للمفاهيم التي يتضمنها الدرس ، بطريقة واضحة تساعده على مقارنتها بنظائرها بشكل صحيح . ولكن ينبغي ألا يقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة للتلميذ ، أي عند حد فهم التلميذ للمادة العلمية التي يتعلمها ، بل يجب أن يندمج شخصياً فيما يتم عرضه داخل الحصة ، وأن يتحرر من الأفكار التي قد تشتت ذهنه ، بحيث ينزعج إذا انتهت الحصة لأنه لا يشعر بمرور الوقت ، ولا يريد أن ينتهي الدرس بمثل هذه السرعة . أيضاً يجد التلميذ نفسه مدفوعاً للتحدث عن تلك الحصة أمام زملائه التلاميذ بقية اليوم الدراسي .
وحتى يستطيع المعلم أن يخلف الأثر آنف الذكر في التلاميذ ، عليه أن يقدم لهم أكثر من مجرد عرض المادة بوضوح . وحتى تتحقق الفاعلية القصوى في هذا البعد ، ينبغي أن يصاحب البراعة في عرض المادة ، براعة مناظرة في الكلام أمام التلاميذ ، وذلك لأن المعلم داخل الفصل يكون محط أنظار التلاميذ ، وبؤرة تركيزهم ، شأنه في ذلك شأن الممثل على خشبة المسرح . ومن هنا ، يتعرض التلاميذ للمؤثرات ذاتها – الرضى وعدم الرضى – التي يتعرض لها مشاهدي المسرح .
على ذلك فإن التدريس هو بلا شك فن أدائي ، حيث يقوم المعلمون بتوظيف جميع إمكاناتهم وقدراتهم خلال المواقف التدريسية . والمعلم الممتاز هو من يستغل كل ما حباه به الله استغلالاً جيداً وفعلاً لجذب انتباه التلاميذ .
فالمعلم ، يستطيع توظيف صوته وإشاراته وحركاته ليثير انتباه وعواطف التلاميذ ، كما يفعل الممثل تماماً . ويتطلب تحقيق ما تقدم أن ينقل المعلم إلي التلاميذ الشعور القوي بالحضور ، والطاقة المركزية . وقد يحقق المعلم هذا من خلال الاحتفاظ بحماسته الظاهرية وحيويته وفطنته ، بينما يفعل معلم آخر ذلك باستخدام أسلوب أهدأ ، وأكثر جدية وشدة . وعليه ، فإن القدرة على إثارة انفعالات قوية وإيجابية لدى التلاميذ هي التي تميز بين المعلم القدير ، والمعلم المتميز .
ويمكن تصنيف المعلمين على مقياس هذا لبعد ( الاستنارة العقلية ) إلى ثلاث فئات ، هي : المدى العالي والمتوسط والمتدني ، وذلك طبقاً لما يراه المشاهد الخارجي ، وكما اختبره التلاميذ وعايشوه وفيما يلي خصائص المعلم وفقاً للتصنيف السابق :
( أ ) المعلم المتفوق :
- تكون استجابة التلاميذ له بأنه واضح ، ومثير بدرجة عالية .
- ويوصفه المراقبون للتدريس بأنه يحقق الآتي :
– ينظم المضمون العلمي تنظيماً جيداً ، ويقدمه للتلاميذ بلغة واضحة .
– يهتم بإبراز العلاقات والمفاهيم ، ويساعد التلاميذ على معرفة التطبيقات العملية لهذه المفاهيم في بعض المواقف الجديدة .
– يشترك معه التلاميذ في العمل ، لذا يقدم المضمون بطريقة تفاعلية ، وبحماسة عالية ، وتوتر درامي شديد .
– يبدو عليه حبه للمادة التي يقوم بتعليمها وشرحها .
- ويؤثر على التلاميذ على النحو التالي :
– يعرف التلاميذ ما يركز عليه المعلم ، فيميزون النقاط الهامة في الموضوع .
– يدرك التلاميذ الارتباط بين المفاهيم ، ويطبقونها في مواقف جديدة .
– لا يرتبك التلاميذ مطلقاً بشأن المادة أو بشأن ما يقوله المعلم .
– يدرك التلاميذ صورة جيدة أسباب تحديد المفاهيم وتعريفها بالطريقة التي عرضت بها .
– تبدو الأفكار التي يعرضها المعلم على التلاميذ مقبولة ، ومعقولة ، وواضحة ، وسهلة التذكر .
– يتنبه التلاميذ لما يقوله المعلم ، فلا تتشتت أفكارهم خارج الفصل .
– يمر وقت الحصة سريعاً ، وقد ينزعج بعض التلاميذ بسبب عدم تدوين أية ملاحظات عن بعض الأفكار التي عرضها المعلم .
– يشعر التلاميذ بأهمية استثارة الأفكار لهم ، ويعملون على الانتظام في حضور الدروس دون تخلف .
– يمكن وصف عمل المعلم ، أو نعت مساقه بالشيء العظيم أو الرائع .
( ب ) المعلم المتوسط :
- تكون استجابة التلاميذ له بأنه واضح ، وممتع بشكل معقول .
- ويوصفه المراقبون للتدريس بأنه يحقق الآتي :
- يعرض الحقائق والنظريات بوضوح ،وفي إطار منظم .
- يعرض المادة العلمية بأسلوب ممتع ، وبمستوى متوسط من الحماس .
- يتفاعل في الدرس ، وإن كانت درجة حماسه متوسطة أو معتدلة .
- يؤثر على التلاميذ على النحو التالي :
- يفهم التلاميذ غالبية المفاهيم التي يعرضها بشكل دقيق وكامل ، ويسهل عليهم تدوين الملاحظات .
- يدرك التلاميذ العلاقات بين غالبية المفاهيم ، ويفهمون الأمثلة المطروحة في الدرس .
- يستمتع غالبية التلاميذ بالدرس بدرجة متوسطة .
- يمكن وصف عمل المعلم بأنه جيد أو سليم .
( جـ ) المعلم المتدني :
- تكون استجابة التلاميذ له بأنه غامض وفاتر .
- ويوصفه المراقبون للتدريس بأنه يحقق الآتي :
- يقدم بعض جوانب المادة العلمية بطريقة منظمة تنظيماً دقيقاً ، ويعرضها بشكل واضح ، ولكن كثيراً مما يقدمه ويعرضه يتسم بالغموض وعدم الوضوح ، ويكون مركباً للتلاميذ .
- يعرض معظم المادة العلمية دون حماسة ، ولا يبذل جهداً كبيراً في هذا العمل .
- قد يبدو المعلم وكأن ليس لديه رغبة أو ميل لتدريس الصف ، وأنه يمل الصف ويكره التلاميذ .
- ويؤثر على التلاميذ على النحو التالي :
- يكون لدى بعض التلاميذ فكرة محدودة يسيرة ( وربما لا يكون لديهم أية فكرة على الإطلاق ) عن اتجاه المعلم وما يريده ، أو عن سبب عرض المادة بالطريقة التي اتبعها .
- يشعر التلاميذ في أغلب الأحوال بحالة من الاضطراب والارتباك ، وبعدم التأكد .
- يجد غالبية التلاميذ صعوبة في تدوين الملاحظات عن ما يشرحه المعلم .
- لا يدرك التلاميذ بدرجة كبيرة العلاقات بين المفاهيم ، ولا يجدون ارتباطاً كبيراً بين المضمون وخبراتهم الذاتية .
- يحس التلاميذ كثيراً بالشعور بالإحباط أو الغضب ، وقد يعرضون عن حضور الحصص ، ويرحبون بالأعذار المختلفة لعدم حضورهم ، أو لعدم حضور المعلم ذاته .
- يمكن وصف عمل المعلم بأنه ممل وبغيض .
خلاصة القول. لكي يستطيع المعلم أن يتقن عمله ، وأن يبدع فيه ، عليه أن يكون قادراً على تنظيم المادة وعرضها بمهارة الخطيب الخبير المتمرس . وذلك بجانب قيامه بتحضير محتوى المادة تحضيراً مقتضباً ودقيقاً ومنظماً .
والتدريس الفعال المبدع ليس التدريس الاستعراضي الذي يقوم على التكلف ، ولفت الانتباه ، أو التزييف . كما أنه ليس مجرد تمثيل أو تسلية . وذلك لأن التسلية تنطوي على إثارة العواطف وتوليد السرور لذاتهما . ولكن التدريس المميز فيتصف بإثارة العواطف المرتبطة بالنشاط العقلي . أي إثارة التمعن في الأفكار ، وإدراك المفاهيم المجردة ، ومعرفة وإظهار مدى صلة هذه المفاهيم بحياة الفرد .
( 2 ) الصلات الشخصية البينية :
من الناحية النظرية ، تكون غرفة الصف بمثابة حلبة للعروض الفكرية ، ولكن من الناحية الواقعية فهي حلبة عاطفة تموج بالعلاقات البينية ، حيث تحدث فيها العديد من الظواهر النفسية .
فمثلاً تنخفض دافعية التلاميذ للعمل إذا شعروا بعدم اهتمام المعلم بهم ، وإعراضه عنهم . أيضاً ، إذا شعروا بأن المعلم يعاملهم بطريقة قاسية ويتحداهم ، ويقبض عليهم بيد من الحديد . وهنا ، تكون عواطف التلاميذ بالنسبة للأمور السابقة مضطربة . وقد يتصرف بعض التلاميذ بسبب حساسيتهم المفرطة إزاء أعمال المعلم العدوانية تصرفات عدوانية مناظرة ، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من البشر .
أيضاً يستشيط التلاميذ غضباً سواء أكانوا عاديين أو متفوقين ، عندما تبدو ممارسات الاختبار والتصحيح جائرة وغير عادلة .
وفي المقابل فإن المعلم إنسان يريد أن يحبه التلاميذ ، وأن يحترمونه ، ولكن دخول المعلم للفصل ليواجه تلاميذ من نوعيات مختلفة في السلوك ، ومتباينة في الظروف ، لابد وأن يظهر قلقاً في العلاقات البينية بين المعلم والتلاميذ .
وبعامة ، فإن المعلمين ليسوا بمحصنين إزاء الأحداث التي تجري ، سواء أكانت داخل الفصل أم خارجه . لذا ، توجد أحداث متعددة قد تحول دون استمتاعهم بعملهم كمعلمين ، وتقلل من دافعيتهم للتدريس الجيد . إن المعلم شأنه شأن سائر البشر يريد أن يحرز نجاحاً ، وأن يحقق تفوقاً في عمله ، لأن تقدمه المهني يرفع من شأنه ، ولا يعرضه للتجريح من التلاميذ وإدارة المعلمة .
ولقد أظهرت نتائج البحوث النفسية أنه يمكن التنبؤ بردود فعل التلاميذ وتصرفاتهم العاطفية إزاء تفاعلهم بعضهم ببعض ، أو مع المعلم . إذا ، ينبغي أن يكون المعلم على وعي كامل بالظاهرات الشخصية البينية . ويتطلب ذلك سيطرة كاملة من المعلم على مهارة التخاطب مع التلاميذ بأساليب تزيد من دافعيتهم للتعلم ، واستمتاعهم وتعلمهم المستقل . ويتحقق ذلك بإحدى هاتين الطريقتين :
- تجنب استثارة العواطف السلبية عند التلاميذ ، ولاسيما القلق الزائد والغضب .
- تطوير عواطف إيجابية عند التلاميذ ، مثل احترام التلاميذ وتعزيز أدائهم الجيد .
ويسهم تحقيق ما تقدم في إثارة دافعية التلاميذ بدرجة كبيرة لإتمام واجباتهم وتعلم المادة المقررة ، سواء أكان حافزهم هو إثابة المعلم لهم أو محاولة من جانبهم لتحقيق مستوياتهم الشخصية .
ويمكن تصنيف المعلمين على مقياس هذا البعد ( الصلات الشخصية البينية ) إلى مستويات ثلاث ، تكون على النحو التالي :
( أ ) مستوى العلاقة البينية عال :
- وفيه تكون العلاقة بين المعلم والتلاميذ حميمة جداً ، ومفتوحة ، وتركز على التلميذ . ويمكن التنبؤ بسلوك المعلم في هذا المستوى .
- ويوصف المراقبون للتدريس هذه العلاقة كما يلي :
- يهتم المعلم بشدة بالتلاميذ كأفراد ، ويشعر باستجابتهم الذكية بخصوص المادة أو طريقة عرضها .
- يعترف المعلم بمشاعر التلاميذ حول مسائل الواجبات الصفية أو سياستها ، ويشجعهم على التعبير عن تلك المشاعر ، وقد يستطلع آرائهم في بعض القضايا .
- يشجع التلاميذ على طرح أسئلتهم واستفساراتهم ، ويهتم كثيراً بوجهات نظرهم الشخصية.
- يوحي المعلم بشكل صريح أو ضمني بأنه يهتم كثيراً بفهمهم للمادة ومعرفة جميع أبعادها بدقة .
- يشجع التلاميذ ليبدعوا ، ويبتكروا ، معتمدين في ذلك على أنفسهم في التعامل مع المادة . ويشجعهم على تكوين أفكارهم الخاصة .
- وتؤثر هذه العلاقة على التلاميذ على النحو التالي :
- يشعر التلميذ بمعرفة المعلم له ، واهتمامه به شخصياً ، وبما يتعلمه .
- يوجد تجاوب وعلاقات إيجابية قد تصل إلى درجة المحبة بين المعلم والتلاميذ ، وقد يتمثل بعضهم به إلى درجة كبيرة .
- يشعر التلاميذ بأن المعلم يثق في قدرتهم على التعلم والتفكير المستقلين .
- يسعى التلاميذ إلى تحقيق توقعات المعلم العالية التي يأملها منهم ، فيزيد ذلك من دافعيتهم للقيام بأقصى ما في وسعهم .
- قد يصف بعض التلاميذ المعلم بأنه " شخص رائع "
-
( ب ) مستوى العلاقة البينية متوسط :
- وفيه تكون العلاقة بين المعلم والتلاميذ دافئة نسبياً ، ويمكن للتلاميذ التقرب إليه ، وهو ديمقراطي ، ويمكن التنبؤ بسلوكه .
- ويصف المراقبون للتدريس هذه العلاقة كما يلي :
- المعلم لطيف ، ويتصل بالتلاميذ على المستوى الشخصي ، ولكنه لا يبذل جهداً كبيراً لكي يعرف معظمهم .
- يعلن المعلم عن سياسته ، ويبحث ردود فعل التلاميذ عنها ، وقد يبحث عن بدائل إذا كانت استجابات التلاميذ سلبية .
- يتقبل أسئلة التلاميذ ، وتعليقاتهم الشخصية دون إظهار أي ضجر أو سخط .
- يظهر المعلم مرونة بدرجة مقبولة لبعض متطلبات التلاميذ ، ويهتم بعمل التغيرات المناسبة في الجدول الدراسي .
- وتؤثر هذه العلاقة على التلاميذ على النحو التالي :
- لا يوجد لدي التلاميذ قلق يذكر أو خوف بالنسبة للأداء الناجح لهم أو للمدرسين .
- يدرك التلاميذ ما يتوقعه المعلم منهم ، ولكنهم لا يتحملون المسؤولية الواجبة لتحقيق الأداء المتوقع منهم .
- يتمتع التلاميذ بدافعية معقولة ، وذلك لإتمام الواجب المطلوب ، ومن أجل الأداء الجيد .
- قد يصف التلاميذ المعلم بأنه " شخص طيب " أو رجل جيد " أو " الإنسان اللطيف " .
( ج ) مستوى العلاقة البينية متدني :
- وفيه تكون العلاقة بين المعلم والتلاميذ باردة ، ويسيطر عليها المعلم على التلاميذ ، ولا يمكن التنبؤ بسلوكه .
- ويوصف المراقبون للتدريس هذه العلاقة ، كما يلي :
- يظهر المعلم اهتماما بالتلاميذ ، ولكنه لا يذكرهم كأشخاص ، فلا يعرف أسماء بعضهم ، كما يفشل في التعرف على غالبيتهم خارج الحصة .
- يتهكم المعلم أحياناً على التلاميذ ، ويحتقر أدائهم بشكل علني ، ولا يعير ميولهم غير الأكاديمية الاهتمام الواجب .
- يغضب المعلم عندما يسأله التلاميذ ، ويستعجلهم عندما يزورونه في مكتبه خلال الساعات المكتبية .
- يعلن المعلم متطلباته وسياسته ، ويرفض أن يناقشه التلاميذ فيها ، ويغضب إذا فعلوا ذلك .
- قد يكون المعلم غير مستقر ، ولا يمكن التنبؤ بسلوكه .
- وتؤثر هذه العلاقة على التلاميذ على النحو التالي :
– يشعر التلاميذ بأن المعلم لا يوليهم الاهتمام من الناحيتين الشخصية والتعليمية . وربما يشعر بعض التلاميذ بأن المعلم يكرههم ، ويتربص بهم .
– يعتقد التلاميذ أن فكرة المعلم عن قدراتهم ودوافعهم للتعلم فكرة ضئيلة .
– غالباً ، يخشى التلاميذ سؤال المعلم ، باستثناء الجريء جداً الذي يستطيع أن يعبر عن رأيه الشخصي .
– يؤدي التلاميذ بدافع الخوف من الفشل ، وحتى لا يتعرضون للاستهزاء . كما أنهم يرون الواجبات التي يتطلبها المعلم شيء مفروض عليهم فرضاً قسرياً .
– قد يهتم التلاميذ بالمضمون ، لكنهم يكرهون دراسته بسبب المعلم . وقد يغير التلميذ تخصصه.
– يحس التلاميذ بعدم الراحة من الحصة أو مع المعلم ، وقد تنتاب بعضهم حالات من القلق أو الغضب .
– قد ينعت التلاميذ المعلم بألفاظ غير لائقة .
وخلاصة القول ، يتطلب التدريس الجيد الوضوح . وعليه ، لا يجب على المعلمين أن يكونوا غامضين وبغيضين أو مملين . ولكن عليهم أن يتبنوا المواقف الإنسانية التي تقوم على التفاعل المتبادل بينهم وبين التلاميذ . لأن ذلك سوف يساعد على تطوير التعلم الذاتي المستقل الذي يستمر مع التلاميذ بعد انتهاء الحصة . وينبغي عدم الاهتمام بالاتجاه الذي يرى أن الاعتراف بردود فعل التلاميذ يعيق نموهم لكي يصبحوا كباراً ناضجين ومسؤولين . وذلك لن الاعتراف يدللهم ويطلق العنان لسلوكهم .
مبادئ التعلم :
تتمثل أهم المبادئ التي يقوم عليها التعلم في الآتي :
أ. النشاط :
– يتعلم الفرد من خلال نشاطه الذي يتصل بجهازه العصبي " الرؤية ، السمع ، الشم ، الإحساس ، التفكير ، الحركة " .
– يحتاج الفرد أحياناً أن يكرر النشاط التعلمي الذي يمارسه حتى يصل إلى مستوى الكفاية المطلوب تحقيقها .
– يحقق التكرار في ظروف بعينها تعلماً يبقى أثره في مجال المهارات والعادات مقارنة بمجال المعلومات والتذكر .
– لا يؤدي التكرار إلى تعلم مرغوب فيه إذا تم في ظروف غير مواتية .
ب. الحداثة :
تتباين درجة النسيان من فرد لآخر .
تتوقف درجة النسيان لما يتعلمه الفرد على طول الفترة التي لا يستخدم فيها ما تعلمه أو يتركه .
تقل درجة النسيان كلما ازداد فهم المتعلم لمعنى ما يتعلمه ، وكلما ازداد اهتمامه به .
يتطلب إعادة التعلم وقتاً أقل من نظيره الذي يتطلبه التعلم أول الأمر .
يبقى أثر تعلم المهارات والاتجاهات والقدرات الحركية زمنا أطول من أثر تعلم الحقائق .
ج. الأثـر :
يتذكر الفرد الخبرات ذات الأثر المباشر والقوي بدرجة كبيرة مقارنة بالخبرات الهامشية في حياته .
لا يميل الفرد إلى إعادة وتكرار الخبرات ذات الأثر السيء والمؤلم في حياته .
يتوقف أثر ما يتعلمه الفرد على استعداده الذهني ، ووضوح غرضه بالنسبة لما يتعلمه ، وإدراكه لمعاني العلاقات القائمة في الموقف التعليمي .
د. الترابط :
– يتذكر الفرد بسهولة الأفكار التي تترابط في عقله وذهنه بأفكار أخرى .
– يسترجع الفرد بسهولة أية فكرة تكثر أشكال ترابطها في عقله .
– تتباين أنواع الترابط ، فمنها ما له علاقة بالزمن ، وما له علاقة بالمكان .
– يتوقف استرجاع الفرد لأفكاره على مبدأ التتابع أو الترتيب الزمني . وعليه ، فإن استرجاع الفكرة التي حدثت أولاً يؤدي إلى استرجاع الفكرة التي حدثت بعدها .
– تتوقف درجة انتقال أثر التعلم على الارتباطات بين الأشياء التي يتم تعلمها .
– يتعلم الفرد الأشياء المتكاملة بدرجة أكبر من تعلمه للأشياء المنفصلة . لذا ، فعند تحليل موقف تعليمي معقد إلى عناصره الأولية ليعلمه الفرد خطوة بعد خطوة أخرى ، ينبغي ألا يغيب عن الأذهان خصائص الكل المركب والعلاقات القامة بين عناصره .
هـ الحالة الذهنية :
– ينبغي إعداد الفرد ذهنياً للأفكار والأنشطة التعليمية الجديدة كي يكون التدريس فعالاً.
– يتوقف تحديد طبيعة أثر أي نشاط تعلمي مقترح على الفرد على حالته الذهنية .
– يتوقف أثر أي مثير على خبرات الفرد السابقة بالنسبة لما يعرفه ، وعلى اهتماماته وقدراته واستعداداته ومفاهيمه بالنسبة لما لا يعرفه .
و- الاستعداد :
يتوقف تعلم الفرد على استعداده من حيث النضج ، والاهتمامات والخبرة السابقة ، ولذا يجب مراعاة الأمور التالية :
– لا ينبغي تنمية الفهم والاهتمامات والأفكار والمهارات بسرعة غير طبيعية .
– يتوقف تعليم بعض الموضوعات على نضج المتعلم وخبراته السابقة ، وعلى اهتماماته المتطورة والمتغيرة ، وحاجته إلى نتائج تعلم تلك الموضوعات .
– وعلى الرغم مما تقدم ، ينبغي أن يتعلم الفرد أمور اً كثيرة قبل تركه المدرسة ، كما ينبغي ، أن يتعلم بعض الأمور في وقت مبكر ، لأنها تكون الأساس لفهم وتعلم أشياء أخرى غيرها.
– لا ينبغي تحديد وقت ليكون الفرد مستعداً لتعلم موضوع ما ، لذا يجب تعديل التعلم بما يتوافق مع درجة استعداد الفرد من حيث حاجاته واهتماماته وأسس الفهم لديه .
ز- الاهتمام :
– لا تتوقف فاعلية التعلم على التدريب أو التكرار الآلي فقط ، وإنما بجانب ذلك يجب مراعاة اهتمامات المتعلم من حيث اتجاهه نحو ما يتعلمه نحو ما يتعلمه ، وقدرته على ربط المعاني بالمواد ، بمعنى ، أنه بجانب التكرار الدقيق ، يجب أن يكون المتعلم متنبهاً ومهتماً بما يريد تحصيله .
– توجد خبرات تبقى في الذهن دون تكرار لها ، وذلك بسبب درجة فاعلية واهتمام المتعلم بها .
ل- الحالة الفسيولوجية :
– يُنقص التعب الجسمي الشديد من حدوث التعلم ، حيث يؤثر في إضعاف الانتباه ، ويعرقل الفهم ، ويحد من اكتساب المهارات الدقيقة والمعقدة .
– يشتت الألم في الانتباه مما يقلل من إحداث أثر التعلم .
– تؤثر بعض الأمراض ، كالنقص في التغذية ، أو ضغط الدم ، أو اضطرابات نشاط الغدد في إحداث التعلم بدرجة كبيرة .
م - الذكـاء :
– يتوقف تعلم الفرد من حيث الكم والسرعة على مستوى ذكائه .
– ينبغي أن يعدل المعلم في الطرق التي يتبعها في التدريس لتقابل ما بين التلاميذ من فروق فردية في مستوى الذكاء ، بحيث يوفر للتلميذ بطيء التعلم مواد وأنشطة عملية يستطيع أن يدركها أو يحسها بسهولة ، وبحيث يوفر للتلميذ النابه الأنشطة التي تتحدى ذكاؤه وقدراته قليلاً ، ويكثر فيها التجريد وتتطلب التعميم والابتكار .
م - انتقال أثر التعلم :
غالباً ما يمتد أثر التعلم في موقف معين إلى مواقف أخرى إذا كانت الظروف مواتية لتحقيق ذلك . ويتوقف درجة انتقال الأثر على :
– المحتوى من حيث الأفكار والحقائق والمبادئ والمفاهيم والمفردات اللغوية ، والأسلوب من حيث أسلوب الدراسة والعمل .
– درجة الذكاء العام عند المتعلم .
– لفت انتباه المتعلم إلى المجالات المختلفة التي يمكن أن ينتقل الأثر إليها .
-
-